الثلاثاء, يونيو 3

    تشكل وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة ملايين الأشخاص حول العالم، إذ يبلغ عدد مستخدميها نحو خمسة مليارات، مما يجعلها منصة رئيسية للتواصل والتعبير عن الذات. هذه الوسائل، مثل إنستجرام وفيسبوك وتيك توك، تقدم فرصاً واسعة للتواصل الاجتماعي، لكنها تحمل في طياتها تأثيرات معقدة تتجاوز مجرد التفاعلات الافتراضية لتطال الصحة النفسية للأفراد.

    على الجانب الإيجابي، تتيح منصات التواصل الاجتماعي شعوراً متجدداً بالانتماء والدعم، خاصة لأولئك الذين يعانون من العزلة. فهي توفر فضاءً آمناً لمشاركة الهويات المتنوعة والانضمام إلى مجتمعات داعمة لقضايا إنسانية متعددة، كما تشجع على الإبداع والإلهام عبر محتوى متجدد ومتفاعل يفتح آفاقاً جديدة للتعبير الشخصي.

    ومع ذلك، تكشف العديد من الدراسات عن آثار جانبية مقلقة جراء الاستخدام المفرط لهذه الوسائل، حيث يرتبط الاستغراق الطويل بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، خصوصاً بين فئة الشباب. تصور الحياة المثالية التي تروجها هذه المنصات يحفز المقارنات الاجتماعية السلبية، مما يفاقم من مشاعر النقص والدونية. كما تسهم ظاهرة “الخوف من فقدان الفرص” والتنمر الإلكتروني في تدهور الصحة النفسية للاستخدامين.

    وتظهر الأبحاث بوضوح أن الشباب هم الأكثر هشاشة أمام هذه التأثيرات السلبية، إذ تشير النتائج إلى زيادة في أعراض القلق والاكتئاب نتيجة التعرض المكثف والمتواصل لهذه المنصات. لذا، تؤكد التوصيات على ضرورة إدارة وقت الاستخدام بعناية، والحرص على متابعة المحتوى الإيجابي، وإقامة علاقات حقيقية خارج الفضاء الافتراضي لتعزيز الدعم النفسي.

    في النهاية، يتبين أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد سلاحاً ذا حدين؛ يمكن أن تكون داعمة ومحفزة إذا استُخدمت بحذر ووعي، أو أن تتحول إلى مصدر ضغط نفسي وإجهاد. الوعي بالمخاطر والفوائد، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات مدروسة لتحقيق التوازن، يمثلان المفتاح للحفاظ على الصحة النفسية في هذا العصر الرقمي المتسارع.

    اترك تعليقاً