يجمع النقاد والمختصون في السينما المصرية على أن محمد هنيدي وجيله أحدثوا نقلة نوعية في صناعة السينما منذ عرض فيلم “إسماعيلية رايح جاي” لكن التأثير الأكبر أتى من خلال فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي جاء كبداية قوية لهنيدي في عالم البطولات المطلقة، وأدى ذلك إلى فتح الأفق أمام زملائه من الجيل الجديد مثل أحمد السقا وطارق لطفي وهاني رمزي ومنى زكي وغادة عادل وفتحي عبد الوهاب، حيث أحدث الفيلم تغييرات في مفاهيم الكوميديا المصرية.
تحل اليوم الذكرى السابعة والعشرون لإنتاج وعرض فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي عُرض لأول مرة في 19 أغسطس 1998، ليحقق نجاحاً مدوياً غيّر من خريطة السينما المصرية في ذلك الحين وجعل كبار النجوم يتكيّفون مع الظروف الجديدة للصناعة السينمائية، مما دفع بالأسطورة عادل إمام إلى التجديد في أسلوبه ليواكب الاتجاهات الحديثة، وتمكن من مجاراة جيل الكوميديانات الصاعدين الذين نجحوا في فرض أنفسهم بقوة.
نجاح “صعيدي في الجامعة الأمريكية” كان نقطة انطلاق لمحمد هنيدي، حيث استغل المنتجون هذا النجاح لزيادة أجوره بشكل ملحوظ بعد أن كان هنيدي قد تلقى العديد من العروض، وهذا يبرز كيف تحولت نظره الإنتاج إلى هنيدي بعدما أثبت نفسه كممثل متفوق، وشهدت الفترة اللاحقة تزايد الإقبال على هذا النجم الذي أثبت قدراته الكوميدية والجماهيرية بعد الفيلم.
أحد المشاريع التي لم يتحقق لها النجاح الكامل كان فيلمًا للمخرج الكبير يوسف شاهين الذي كان يرغب في أن يكون محمد هنيدي هو البطل في فيلم “سيرة ذاتية”، وهي النوعية التي برع شاهين في إنتاجها، وكان يرسم فيه ملامح سيرته الذاتية بعد عودته من الولايات المتحدة من خلال “بابا أمين”، وهذا يعني أن هنيدي كان سيلعب دور شاهين في فترة حرجة من حياته الفنية.
ورد في إحدى التقارير في “الأهرام العربي” بتاريخ 22 أغسطس 1998 حول المشروع المزمع بين هنيدي وشاهين، حيث جاء فيه أن المخرج الكبير كان يعتزم إخراج عمل يتناول جانبًا من حياة هنيدي بعد نجاح “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي حقق إيرادات تجاوزت 3 ملايين جنيه على مدار أسبوعين، وقد أجرى شاهين جلسات مع شخصيات مقربة من هنيدي لعرض فكرته واستكشاف اهتمامه بتجسيد شخصيته في بداية حياته الفنية.
كما أشار التقرير إلى أن هنيدي رفع أجره من 100 ألف جنيه إلى 950 ألف جنيه، وهي بداية نادرة مقارنة بمعدلات الأجور التي اعتاد عليها المخرج الشيخ، حيث كان يفضل تقديم فنه والاستفادة من العمل تحت قيادته بدلاً من التركيز على الأمور المالية، ورغم النقاشات لم يتم تنفيذ المشروع مما يعتبر نقطة فارقة في مسيرة هنيدي.
في حين توقف المشروع، يعتقد أن هنيدي كان مشغولاً بعمله مع المنتج محمد العدل والمخرج مدحت العدل، حيث كان من المقرر أن يبدأ سلسلة جديدة من الأفلام، وهذا يعكس التحولات في خيارات هندى ومسيرته المهنية بعد نجاحه الكبير، ولم يغب عن بال شاهين ما كان يود أن يقدمه، إلا أنه قد تكون الفكرة غير واضحة أو استغل فترات أخرى للبحث عن مشاريع جديدة.
هنيدي نفسه أكد عبر حديثه أن فكرة الفيلم الذي كان يتعاون فيه مع يوسف شاهين كانت قائمة، ولكنه لم يذكر اسم المشروع تحديدًا، مشيرًا إلى أن العروض بدأت تتوالى عليه مما قد يجعله غير قادر على الالتزام بمشاريع جديدة، حيث بدا واضحًا أن التجارب الأخرى لم تفوت على مهنته، مما يعكس التحديات التي تواجه الفنانين في توقيتات معينة.
تعليقات