كشف فريق من العلماء في جامعة ETH زيورخ السويسرية عن ابتكار ثوري يتمثل في ألياف مرنة بحجم خيط القطن تحتوي على قدرات حاسوبية متكاملة يمكن غسلها وتجفيفها دون أن تتعرض للتلف، ونُشرت تفاصيل الدراسة في مجلة Nano-Micro Letters، حيث أشارت إلى أن هذه الألياف الذكية قد تفتح آفاقًا جديدة في صناعة الملابس القادرة على مراقبة صحة الإنسان والتكيف مع ظروف الطقس، هذا الابتكار يعكس التقدم الكبير في تكنولوجيا الأقمشة الذكية، مما يساهم في تحسين جودة الحياة.
الألياف الجديدة توفر للملابس أداء وظائف ذكية، مثل تتبع درجة حرارة الجسم والحفاظ على دفئه في الأجواء الباردة، أو العمل كنظام تبريد شخصي في الطقس الحار، لذلك لا تقتصر وظائفها على الاستشعار فحسب، بل تشمل أيضًا قدرات في التخزين والتواصل والحوسبة، يخطط العلماء لتوسيع نطاق التقنية لتشكيل شبكة حاسوبية قائمة على الأقمشة، مما سيفتح المجال لتطبيقات مثل مراقبة الصحة أو تصميم ملابس تفاعلية تعرض بيانات مباشرة.
خلال التجارب، قام الباحثون بخياطة أربع ألياف في قطعة ملابس، حيث طلبوا من متطوعين أداء تمارين بدنية مثل القرفصاء ولوح البلانك، أظهرت النتائج أن الألياف المنفردة التقطت الحركة بدقة وصلت إلى 67%، بينما ارتفعت النسبة إلى 95% عند استخدام أربع ألياف معًا، هذه النتائج تعكس فاعلية النظام في التقاط الإشارات الحيوية واستجابة الألياف للحركة بكفاءة عالية.
كل ليفة مرنة تحتوي على ثمانية أجهزة مدمجة، منها عدة مستشعرات مثل مستشعر ضوئي وحساس حرارة، ومقياس تسارع ومستشعر تدفق دموي، بالإضافة إلى متحكم دقيق ووحدات اتصال ونظام لإدارة الطاقة، هذا التصميم المتقدم يساهم في توفير منصة قوية لتحليل البيانات وتتبع الأنشطة الحيوية بشكل فعال، مما يتيح استخدامات متعددة للملابس الذكية.
طور الفريق نظام استشعار جماعي يعتمد على تنظيم الألياف بحيث تعمل معًا في شبكة، مع رفع البيانات عبر خوارزميات شبكات عصبية مدرَّبة على تحليل الإشارات الحيوية، يسمح هذا النظام بالتعرف على الحركات والوظائف الحيوية في الوقت الفعلي بشكل دقيق، مما يوفر بيانات دقيقة حول حالة الشخص وسلامته، هذه التقنية تمثل تطورًا كبيرًا في مجال الرعاية الصحية.
ورغم النتائج المبشرة، تؤكد الدراسة أن هناك تحديات لا تزال بحاجة إلى حلول، مثل تسريع سرعة الاتصال وتقليل استهلاك الطاقة، وتطوير بروتوكولات أقل تأخيرًا من أجل تحقيق أداء مثالي للأقمشة الحاسوبية، هذا التحديات تمثل عقبات لابد من التغلب عليها لضمان نجاح تطبيق هذه التكنولوجيا بشكل واسع.
يمثل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في مجال الأجهزة القابلة للارتداء، حيث يفتح الباب أمام ملابس ذكية لا تقتصر على مراقبة الصحة أو الأداء الرياضي، بل ربما تؤدي دور شاشات تفاعلية أو أنظمة اتصالات مدمجة في المستقبل القريب، قد يؤدي ذلك إلى إعادة تعريف مفهوم الملابس التقليدية وإضافة قيمة جديدة لحياة المستخدمين بشكل مبتكر وعملي.
تعليقات