كشف فريق من العلماء عن طبقة غير متوقعة من الصخور الصلبة في وشاح الأرض تقع بين طبقتي القشرة القارية تحت جبال الهملايا في اكتشاف يُعيد النظر في نظرية جيولوجية سادت منذ عام 1924، لطالما اعتقد الجيولوجيون أن جبال الهملايا ترتكز على قشرة مضاعفة السمك حيث افترض الجيولوجي إيميل أرجاند أن الصفائح القارية تراكمت فوق بعضها لتشكل قاعدة بسمك 70 إلى 80 كيلومترًا تدعم الجبال، لكن نماذج حاسوبية حديثة أظهرت تعقيدًا أكبر من ذلك عبر تداخل كتل من الصخور الكثيفة الخاصة بالوشاح بين القشرتين الهندية والآسيوية، مما أضاف بعدًا جديدًا لفهمنا لهذه المنطقة.
يُعد “الوشاح المتداخل” عاملاً هامًا يضيف صلابة إلى جذور الجبال ويساعد على إبقائها طافية رغم ثقلها الهائل، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة Tectonics، فإن نموذج أرجاند تجاهل طبيعة الصخور التي تصبح لَدِنة على عمق 40 كيلومترًا، وهي حقيقة تشير إلى عدم إمكانية تراكمها بشكل بسيط كما كان يُعتقد سابقًا، وقد ساهم هذا الاكتشاف في تغيير النظرة التقليدية لفهم تكوين الجبال الهملايا ودينامياتها الجيولوجية، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث والدراسة.
الباحث المشارك سيموني بيليا أوضح أن المشاهدات التي بدت لسنوات “غامضة وغير مفسَّرة” أصبحت اليوم منطقية تحت نموذج “قشرة – وشاح – قشرة”، كما أن البيانات الزلزالية والجيولوجية الحديثة تتماشى مع هذا النموذج الجديد بشكل أفضل من النظرية القديمة، مما يعزز مصداقية النتائج ويعكس التطورات في علم الجيولوجيا، ويشير إلى إمكانية تفسير الظواهر الطبيعية بشكل أكثر دقة وفهمًا لعوامل التأثير في هذه الجبال العظيمة.
وجود هذه الطبقة المخفية يغيّر فهم العلماء لآليات التصادم بين الصفائح الهندية والآسيوية، فالقشرة السميكة في هضبة التبت تبدو كما لو أنها “تطفو” فوق قاعدة أكثر صلابة، وهذا قد يؤثر على تراكم الإجهاد على طول منطقة الصدع، كما أن هذا التصادم لا يزال يدفع جبال الهملايا للارتفاع بمعدل يقارب 1 سنتيمتر سنويًا، وهو ما يعني أن الحركة التكتونية في هذه المنطقة لا تزال مستمرة وتتطلب متابعة دقيقة.
تُعد جبال الهملايا من أكثر المناطق النشطة زلزاليًا في العالم، وفهم البنية الحقيقية للقشرة والوشاح يمثل خطوة أساسية نحو تطوير نماذج أدق للتنبؤ بالمخاطر الزلزالية، فهم التركيبة الجيولوجية بشكل أفضل يُمكن أن يُسهم في تحسين استراتيجيات التكيف مع الزلازل وتخفيف آثارها السلبية، وفي النهاية فإن هذا الاكتشاف يُعزز من الفهم المعاصر لعمليات الأرض الطبيعية وتأثيرها على حياة الناس.
تعليقات