اكتشاف ثقب أسود تائه يكشف أسرار نشأة الثقوب السوداء
أعلن فريق من علماء الفلك عن اكتشاف نادر لثقب أسود تائه يندفع عبر مجرة قزمة بعيدة ويشكل هذا الاكتشاف تغييراً جذرياً في المفاهيم السائدة حول كيفية نشأة الثقوب السوداء ومواقعها الطبيعية، فعلى بُعد نحو 230 مليون سنة ضوئية يظهر هذا الثقب الذي تصل كتلته إلى نحو 300 ألف ضعف كتلة الشمس ولكنه لا يتواجد في مركز المجرة كما هو متوقع بل إنه يقع على مسافة تزيد عن 3 آلاف سنة ضوئية من القلب النجمي للمجرة.
رغم موقعه الغريب فإنه لا يزال ثقباً نشطاً، حيث يواصل ابتلاع المادة المحيطة به، ويطلق نفاثات قوية من الطاقة، وقد اعتبر علماء الفلك هذه الظاهرة بمثابة دليل واضح على وجود ثقب أسود متوسط الكتلة، هذا الثقب الأسود يمارس نشاطه في بيئته الطبيعية بالرغم من كونه بعيداً عن المركز، ويشير ذلك إلى تعقيد أكبر في مسار نشأة الثقوب السوداء.
التقرير الذي نشره موقع Spacc أوضح أن هذا الاكتشاف جاء بفضل مسح Apache Point Observatory الذي رصد حالة “ركلة” هائلة أدت إلى انطلاق بقايا المجرة إلى الفضاء بين المجرات، وقد استطاع الباحثون أيضاً تحديد بلازما بدرجات حرارة تتجاوز مليار درجة مئوية، كما رصدوا نفاث مادي متماسك يمتد لمسافة تصل إلى 7.2 سنة ضوئية من الثقب الأسود.
التطورات الجديدة التي أُعلن عنها تشير بوضوح إلى أن الصورة المتعارف عليها حول كيفية نمو الثقوب السوداء تحتاج إلى إعادة تقييم، حيث كانت الدراسات السابقة تفترض دائماً أن هذه الثقوب تتطلب وجودها في مراكز المجرات الضخمة لكي تنمو بشكل كبير، ومع ذلك فإن البيانات الجديدة تكشف إمكانية التغذية والنمو بعيداً عن النوى.
قائد الفريق البحثي، آن تاو من مرصد شنجهاي الفلكي، صرح بأن هذه النتائج تفتح أفق التفكير في أفكار جديدة حول كيفية تأثير التفاعل بين الثقوب السوداء والمجرات على تطورها المشترك، وهو الأمر الذي قد يعيد تشكيل الفهم العلمي لهذه العلاقة المعقدة.
بهذا الشكل، يمثل هذا الاكتشاف خطوة نوعية في توضيح العلاقة بين الثقوب السوداء والمجرات، كما يفتح المجال لرؤى جديدة حول كيفية تشكل الثقوب السوداء فائقة الكتلة في المراحل الأولى للكون، مما يعزز الفهم العلمي ويشكل تحدياً للبحث المستقبلي في هذا المجال المعقد.
تعليقات