وداعًا عمرو دوارة: رمز الإبداع المسرحي وذاكرة الفن العربي

وداعًا عمرو دوارة: رمز الإبداع المسرحي وذاكرة الفن العربي

لقب “حارس ذاكرة المسرح المصري” الذي ناله عمرو دوارة يعكس شغفه العميق لفن المسرح وإخلاصه له، فقد أمضى حياته في توثيق تاريخ المسرح المصري، مما جعله مرجعًا رئيسيًا لكل من يبحث عن معلومات دقيقة عن هذا الفن، وكان معروفًا بإجاباته الوافية ومعرفته الواسعة، حيث ترك رحيله فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وعشاق المسرح بعد مسيرة فنية غنية وهب فيها كل جهد ووقت للمسرح، تاركًا إرثًا عظيمًا لا يقدر بثمن.

دائمًا ما اعتقد عمرو دوارة أن المسرح هو أكثر من مجرد مهنة، بل هو أسلوب حياة، وقد أطلق عليه زملاؤه عدة ألقاب منها “نقيب هواة المسرح” و”راهب المسرح”، و”جبرتي المسرح العربي”، وارتبط بالأخص بلقب “حارس ذاكرة المسرح المصري” خلال سنواته الأخيرة، حيث كان يعتبر حفظ هذه الذاكرة مهمة ضرورية وواجبة عليه، فهو الذي ساهم في الحفاظ على تفاصيل هذا الفن العريق.

حقق دوارة إنجازات مهنية بارزة خلال رحلته، إذ حصل على جائزة الدولة للتفوق في الآداب كأحد أبرز محطات حياته، رغم أنه فاز بالعديد من الجوائز الإقليمية والدولية، منها جائزة الإخراج الأولى في عام 1996، وجائزة العرض الأول من مهرجان “توياما العالمي” باليابان عام 2000، لكن هذه الجوائز كانت تعني له الكثير، لأن تقدير بلده له كان مصدر سعادته الأصلي.

ترك عمرو دوارة خلفه إرثًا أدبيًا زاخرًا، حيث ألّف 36 كتابًا تناول من خلالها العديد من القضايا المسرحية، ويعد كتابه “المسرح المصري المصور” هو الأكثر تفردًا، فهو موسوعة تضم 18 جزءًا، و17 ألف صفحة، مع 22 ألف صورة نادرة توثق تاريخ المسرح العربي، بالإضافة إلى إخراجه 65 عرضًا مسرحيًا معظمها لفرق الدولة، مما جعل إسهاماته واضحة ودائمة.

كان دوارة مؤمنًا بأن رجل المسرح لا ينتهي دوره عند نقطة معينة، بل يجب أن يواصل خدمة المسرح طوال حياته، ولذلك استمر في العمل والمساهمة في فن المسرح حتى آخر لحظة، فرحيله لن ينسى، حيث ستبقى ذكراه حاضرة في كل عرض وتفاعل مسرحي، وفي كل فنان شاب يحمل شغف الفن الذي عاشه وأراد أن ينقله للآخرين، وسيظل تأثيره مستمرًا في الأجيال القادمة.

كاتب صحفي متخصص في متابعة وتحليل الأخبار التقنية والرياضية والاقتصادية والعالمية، أكتب في موقع "موبايل برس" وأسعى لتقديم محتوى حصري ومميز يُبسط المعلومة للقارئ العربي ويواكب الأحداث المحلية والعالمية.