التنبؤ بمستقبل الموسيقى: محمد منير وأغاني المهرجانات من منظور تاريخي
في لقاء سابق، أوضح الفنان محمد منير أن ظاهرة المهرجانات والراب أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشهد الغنائي الحالي وأكد أنه يستمع إليها رغم أنها لا تعكس مشاعره، وأشار إلى أن لكل جيل طابعه الفريد وصوته الخاص، كما اعتبر أن الانفتاح على أنواع موسيقية جديدة يعكس تطور الفن والغناء، وينبغي تقبله كجزء من التنوع الثقافي الموجود في المجتمع، وبالتالي فإن الأذواق الفنية تختلف وتتطور مع الزمن.
كما أكد منير أن الغناء حق لجميع الفنانين، لكن النجاح يستند إلى الموهبة والقدرة على الاستمرار في العمل، وأوضح أنه لا توجد أغنية سيئة بل هناك أغاني قوية وأخرى ضعيفة، وأشار إلى أن كل لون موسيقي له جمهوره الخاص، وأكد أن الفنون ليست ثابتة بل تتفاعل مع الظروف الاجتماعية والثقافية، المتميزة بالخصوصية في كل عصر، مما يدفع الفنانين للتجديد والابتكار في أعمالهم.
تجسّد الآراء التي يحملها منير في أعماله الفنية إذ قدم شخصيات متنوعة بعيدة عن الصورة النمطية للمطرب الرومانسي، وقد تميز في مشاركاته السينمائية بجسده لشخصيات غير تقليدية، حيث ابتعد عن صيغة الحلم الرومانسي التقليدية التي قدمها العديد من artists، فقدم شخصيات مركبة تعكس ظواهر مجتمعية وإنسانية مختلفة، مما جعله يتفوق في مجال التمثيل.
ففي العديد من الأعمال، مثل فيلم “اشتباه” و”يوم حلو ويوم مر”، قدم شخصيات تتسم بالتعقيد، مثل المريض النفسي أو الزوج الخائن، وأظهر منير موهبة في تقديم الشخصيات التي تعكس التحديات الاجتماعية، علاوة على دوره في مسلسل “جمهورية زفتى” حيث جسد شخصية مقاوم للاحتلال الإنجليزي، مما يعكس تنوع فنه ومهاراته، وهو ما ساهم أيضًا في بناء قاعدة جماهيرية واسعة.
في سياق أغانيه، قدم منير بعض الأغاني “الخفيفة” التي تذكرنا بأغاني المهرجانات، فعلى سبيل المثال أغنية “الطشت قاللي” التي غناها في فيلم “حكايات الغريب” عام 1992، وتعكس بساطتها طبيعة المجتمع في تلك الفترة، مما يبرز قدرة المبدع على التجديد والابتكار حتى ضمن الأشكال الفنية السطحية، فالأغنية كانت مزيجًا بين البساطة والعمق.
من خلال دوره في مسلسل “علي عليوة”، قدم منير شخصية محمد علام، شاب مغمور يتحول إلى مطرب شعبي ويغني كلمات قد تبدو سطحية لكن تحمل في طياتها قصة إنسانية، وهذه الأغاني كانت تعكس التحديات التي يواجهها الشباب، كما تميزت الأغنية “مش كل كل ولا أي أي” بكلماتها التي شدت أفئدة الجمهور، ما يدل على فطنة منير في اختيار المواضيع المرغوبة.
الأمر المثير للاهتمام أن منير أعاد تقديم هذه الأغاني التي تصنف ضمن الأغاني الهابطة في ألبومه “ممكن” عام 1995، تحت عنوان “نظرة”، ما يظهر كيف أن الفنان يبني جسورًا بين الأنماط الفنية المختلفة، ويعكس تغير الذائقة الفنية وتحولها واستجابته للجمهور بشكل ذكي.
تعليقات