من تكنولوجيا المعالجات إلى تمويل الابتكار: استراتيجية إنفيديا للتوسع العالمي

في خضم التنافس العالمي الذي يشهده قطاع الذكاء الاصطناعي تسعى شركة إنفيديا لنقل نفسها من مجرد مُصنّع للمعالجات الرسومية إلى أحد أبرز الأعمدة التكنولوجية التي تدفع بالثورة الذكية وتثبت إنفيديا قوتها الاقتصادية والتكنولوجية حيث أصبحت من الشركات الرئيسة في هذا القطاع المتطور، وهذا ما يعكس بشكل كبير تطور إيراداتها وأرباحها بعد ظهور تقنيات متقدمة مثل “شات جي بي تي”.

منذ إطلاق “شات جي بي تي” ارتفعت إيرادات إنفيديا بشكل يثير الدهشة ما أدى إلى زيادة قيمتها السوقية لتصل إلى حوالي 4.5 تريليونات دولار، مما يضعها في صدارة الشركات الكبرى عالميًا، ولم يتوقف تقدم الشركة عند هذا الحد بل انطلقت لتوسيع نطاق أعمالها من خلال البحث عن استثمارات جديدة في مختلف المجالات التكنولوجية.

بحسب بيانات “PitchBook” تلقت إنفيديا اهتمامًا كبيرًا في عالم الاستثمار حيث شاركت في 50 صفقة رأسمالية خلال عام 2025، متجاوزة توقعات صفقاتها السابقة ما يدل على قوة استراتيجيتها الاستثمارية، فقد ساهمت في تعزيز منظومة الذكاء الاصطناعي من خلال دعم الشركات الناشئة التي يمكن أن تُغير قواعد اللعبة في السوق الرقمي.

استثمارات إنفيديا شملت شركات بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث قدمت دعمًا كبيرًا لشركة OpenAI بمبلغ 100 مليون دولار كما يبدو أن الشركة تخطط لاستثمار 100 مليار دولار إضافية في الفترة المقبلة، واستثمرت أيضًا في شركة xAI التي يديرها إيلون ماسك بمبلغ 2 مليار دولار لتساعدها في تطوير تقنياتها.

علاوة على ذلك قامت إنفيديا بدعم شركة Mistral AI الفرنسية بمبلغ 2 مليار دولار، كما شاركت في تمويل شركة Reflection AI التي تنفذ مشروعًا لتقديم نماذج متطورة في الذكاء الاصطناعي، وهذا يعكس تفاني إنفيديا في دعم الابتكار وتبني حلول مبتكرة تسهم في تغيير مجرى التكنولوجيا.

تعتبر إنفيديا إحدى الشركات الرائدة في دعم المشاريع الناشئة حيث استثمرت في مجموعة متنوعة من الشركات من بينها Thinking Machines Lab وInflection AI وNscale، وذلك بهدف تحقيق تقدم ملموس وتطوير تقنيات جديدة تخدم المجتمع وتحقق فوائد ملموسة.

بالإضافة إلى ذلك تمثل استثمارات إنفيديا في مجال الطاقة والروبوتات والنقل الذكي جزءًا من رؤيتها الطموحة حيث دعمت شركة Commonwealth Fusion للطاقة بمبلغ 863 مليون دولار واستثمرت في شركات القيادة الذاتية ما يعزز مكانتها كقوة فاعلة في هذا القطاع.

كما توزعت استثمارات إنفيديا جغرافيًا لتشمل دولا متعددة مثل سنغافورة وفرنسا واليابان، مما يدل على طموحها في خلق تأثير عالمي، إذ سعت لإيصال تقنياتها المتقدمة لمختلف الأسواق، وبالتالي دعم الابتكار عالميًا بالتوازي مع تطوير الذكاء الاصطناعي.

تسعى إنفيديا لتحقيق رؤية استراتيجية مستقبلية تتجاوز بيع الشرائح، حيث أدركت أهمية الوجود في مواقع رئيسية ضمن مشاريع الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الابتكار العالمي وتعد اليوم بمثابة بنك استثماري للتكنولوجيا المتقدمة، مما يؤكد على أهمية دورها في تطوير الذكاء الاصطناعي والمساهمة في خلق مستقبل جديد.