أهمية الذكاء الاصطناعى في تطور السينما عبر عقود

أهمية الذكاء الاصطناعى في تطور السينما عبر عقود

قبل أكثر من عقدين من الزمن وخلال فترة لم يكن فيها مصطلح “الذكاء الاصطناعي” قد انتشر بشكل كبير تحدث الفنان الراحل أحمد زكي بوضوح عن تأثير هذه التقنية على مستقبل السينما العربية وذلك في لقاء له مع قناة “القرين” الكويتية كما أظهر رؤيته العميقة حول كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في فن التمثيل والتحديات المترتبة عليها والمستقبل الذي ينتظر العالم الفني، لقد كان زكي مدركًا لأهمية الإنسان في الفن وقدرته على نقل مشاعر حقيقية لا يمكن لأي آلة تقليدها.

في مدخلة هاتفية مع الناقد السينمائي عماد النويري والذي كان يشغل منصب رئيس نادي الكويت للسينما ناقش زكي موضوع الممثل الرقمي وقال النويري: “حاليًا في الغرب تمكنوا من إنتاج ممثلين كمبيوتر” وأوضح أن التكنولوجيا قد جعلت من الممكن خلق ممثلين رقميين يمكنهم أداء أدوار متعددة بشكل أكثر سهولة، ومع ذلك فقد حذر زكي من أن هذه التقنية على الرغم من تطورها لا يمكن أن تحل محل الأداء الإنساني المتقن والذي يفتقر إلى الأبعاد النفسية والعاطفية.

بدوره أكد زكي على الحدود التي تضعها تلك التقنيات حيث قال إنه مهما تقدمنا في وسائل الإنتاج والمشاركة لا يمكن للكمبيوتر أن يعبر عن مشاعر الكيان الإنساني أو يترجم الألم والسعادة بصورة حقيقية، وأشار إلى أنه في حال ارتداء الشخص نظارات شمسية في حالة من التعب فإن الجمهور يبحث عن رؤية تعابيره وبراعته في التعبير عن مشاعره، معبرًا عن أهمية عمق التجربة الإنسانية في الفن، بدلاً من الاندماج في التكنولوجيا بدون وعي.

علاوة على ذلك فقد أشار زكي إلى أن جودة الصوت والأداء البصري تعتبر بمثابة عناصر أساسية تعزز من تجربة المشاهد، حيث إن هذه الجوانب تلعب دورًا كبيرًا في جذب الجمهور وتجعلهم يشبعون من تجربة العمل الفني، ورغم تقديره لهذه التقنيات الحديثة إلا أنه اعتبرها مجرد أدوات مساعدة وليس بديلاً عن الفنان الذي يجسد المشاعر والأحاسيس، وهي القيم التي لطالما كانت الركيزة الأولى للمشاهد.

خلال نفس الفترة تقريبًا قدّمت هوليود نموذجًا واضحًا لما تحدث عنه زكي، حيث أصدرت فيلم S1m0ne في عام 2002 والذي تمحور حول شخصية مخرج يفكر في ابتكار ممثلة رقمية تجذب الجمهور بحضورها الفريد، لكن يبقى غياب الروح الإنسانية هو النقطة المحورية التي أثارها زكي، إذ يحتاج الجمهور دائمًا لتجربة تصنعها المشاعر الجياشة ولا توجد آلة يمكنها استبدالها في هذا السياق أو أن تكون بديلاً عنها.

اليوم يواجه عالم السينما تحولات جذرية بفعل الذكاء الاصطناعي، حيث تم تقديم فكرة جديدة تحت مسمى “تيلي نورود” التي تمثل أول ممثلة رقمية بالكامل، وقد أثار هذا الابتكار جدلًا واسعًا في مجالات عديدة حول طبيعة الإبداع الفني وما يجب أن يبقى إنسانيًا، بينما ترى العديد من النقابات أن كينونة العمل الإبداعي يجب أن تبقى في جوهرها ملامسة للواقع الإنساني.

وفي ختام الأمر يبقى درس أحمد زكي حاضرًا في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حيث يظل التأكيد على أن القيم الإنسانية والمشاعر والدوافع الإنسانية هي الأساس الحقيقي في الفن، ولا يمكن لأي تقنية أن تعوضها أو تملأ فراغها العاطفي والروحي.

كاتب صحفي متخصص في متابعة وتحليل الأخبار التقنية والرياضية والاقتصادية والعالمية، أكتب في موقع "موبايل برس" وأسعى لتقديم محتوى حصري ومميز يُبسط المعلومة للقارئ العربي ويواكب الأحداث المحلية والعالمية.