الفن والفكر ودورهما في بناء الوعي والسياسة في عصر جمال عبد الناصر
في كل مرحلة من مراحل تاريخ الأمم يظهر دور الفن كعامل أساسى في تشكيل الوعي العام، ويحتاج المجتمع لمن يحملون شعلة الثقافة فالفن لا يعتبر ترفًا بل هو القاعدة الأساسية التي تبنى عليها هويات المجتمعات وتحافظ على تماسكها، يسهم الفن في تشكيل الوجدان الجمعي ويدعم الهوية الوطنية من خلال الإبداع الفنى بكلماته وألوانه وألحانه ويعمق الانتماء لدى الأفراد إلى وطنهم.
تدرك الدولة المصرية أن بناء الإنسان لا يقل أهمية عن بناء الحجر، ومن هنا جاء حرصها على إشراك رموز الفن والفكر والإعلام والرياضة في الحياة السياسية، حيث يتمثل ذلك في تحويل مجلس الشيوخ إلى منصة تجمع بين الإبداع والسلطة التشريعية، ويصبح الحوار بين القيم الجمالية والمعرفية هو الأساس الذي يرتكز عليه تطور الجمهورية الجديدة وتنميتها، مما يعكس رؤية شاملة لأهمية الثقافة.
اختارت الدولة المصرية شخصيات بارزة مثل الفنان الكبير خالد جلال والذي يعتبر من أبرز رموز المسرح والذي ساهم في تطوير الذوق الفني واحتضان المبدعين الشباب، إلى جانب الفنان ياسر جلال الذي قدم أعمالًا درامية متميزة تعكس الوعي الوطني، مما يعكس حرص الدولة الدائم على ربط الثقافة بالفن والدراما وقدرتها على التأثير في المجتمع.
كما أن حضوره الكاتب والروائي أحمد مراد يعكس الاهتمام بجيل جديد من المبدعين الذين يسعون إلى دمج الأصالة بالمعاصرة، وتمثّل أيضًا الاختيارات الإعلامية في سيف زاهر تمثيلًا دقيقًا للإعلام الرياضي المهني وتعزيز دور الإعلام في التواصل مع المجتمع، مما يسهم في إحداث تغييرات إيجابية.
وجود هذه الأسماء تحت قبة مجلس الشيوخ يعكس عمق الإيمان بأهمية الفنون والثقافة كمكونات رئيسية في بناء المجتمع، حيث يتم التواصل بين الفن والمجتمع من خلال صناعة القرار، ما يبرز دور الفن في تعزيز الوعي والارتقاء بالمستوى الثقافي للناس بما يساهم في بناء مجتمع متوازن.
ليست هذه المرة الأولى التي يضم فيها مجلس الشيوخ رموز الثقافة والفن، فقد أصغى سابقًا للفنان يحيى الفخراني والفنانة سميرة عبد العزيز، اللذان يمثلان أيقونات الثقافة والوعي، حيث قدما مبادرات جادة تعكس التزام الفن بقضايا الوطن، مما يعزز مكانة الفن في قلب التشريعات والأفكار العامة.
تعمل تلك الشخصيات كجسور تواصل بين المجتمع ومؤسسات الدولة من خلال نقل احتياجات وأصوات الشارع لصانعي القرار، مما يسهم في بناء سياسات ثقافية وتعليمية تعكس متطلبات العصر وتلبي تطلعات الشباب، مما يعطيهم دورًا فاعلًا في عملية تحديث المجتمع.
إن خطوة الدولة المصرية تظهر أن القوى الناعمة تمثل ركيزة أساسية في المسار التنموي، فالفن ومؤسساته تعكس الروح الوطنية، وتفصح عن أهمية استثمار الثقافة والفكر كعوامل في البناء والتنمية الثقافية والاقتصادية، مما يعتبر دليلاً على رؤية استراتيجية بعيدة تتجاوز الحدود التقليدية.
تعليقات