جمال عبد الناصر: خالد جلال ودور الفن في تعزيز الهوية الوطنية

ليس من المستغرب أن يُختار خالد جلال ضمن الأسماء التي اختارتها الدولة المصرية لعضوية مجلس الشيوخ، فهو لم يكن يومًا مجرد مخرج مسرحي ناجح أو إداري مؤهل، بل يحمل في طياته حالة فريدة في المشهد الثقافي المصري، تمثل نموذجًا مميزًا للفنان المثقف الذي يمزج بين الفكر والتنفيذ والإبداع والتنظيم، ويجمع بين الحس الجمالي والوعي الوطني، وهذه الصفات تجعله قيمة مضافة في أي موقع يتواجد فيه.

منذ انطلاقته الأولى، حمل خالد جلال المسرح Responsibility واعتبره رسالة، وليس مجرد فن للعرض أو الترفيه، فهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وصاحب مشروع فني وثقافي متكامل يسعى من خلاله لصناعة أجيال جديدة من المبدعين القادرين على التعبير عن وطنهم بفكر ووعي وانضباط فني يثلج الصدر، وهو نموذج يستحق التقدير والإشادة في زمن صعب.

تجربته الرائدة في مركز الإبداع الفني تُعد من أنجح التجارب في تخريج دفعات من الفنانين الذين باتوا اليوم نجومًا في الدراما والمسرح والسينما، وهذه التجربة تتجاوز كونها تدريبًا فنيًا، بل تتناول تربية الوجدان وتشكيل الثقافة، وهي رؤية استثنائية تعكس الحاجة إلى عقول فنية واعية في مجتمع يتحدى المساعي السطحية وراء الشهرة، لذا فإن دخول خالد جلال لمجلس الشيوخ يُعَدّ تكريمًا له وللثقافة.

وجوده في مجلس الشيوخ لا يعني اعترافًا بإنجازاته فقط بل يُعتبر إضافة حقيقية للمجلس، فرجل الفن هذا يدرك أن الفن ليس نقيض السياسة، بل هو جناحها الثقافي الذي يُضفي بعدًا إنسانيًا وجماليًا مهمًا، وهذا الوعي يجعل كل النخب الثقافية تتفاءل بوجوده في هذا المجلس، متأملة في تأثيره كصوت للإبداع الوطني.

نجاحاته المستمرة في مجالات الإدارة والإخراج والمشروعات الثقافية تؤكد أنه لم يحقق ذلك بالصدفة وإنما من خلال منهجية واعية قائمة على الإخلاص والانضباط والرؤية الواضحة، فهو يؤمن بأن الفن لا يكتمل إلا إذا كان في خدمة الوطن، وأن الثقافة تزدهر بمجرد التحرر من العشوائية إلى النظام.

اختيار الدولة له يعكس تتويجًا لمسيرة عطاء طويلة، وهو اعتراف بأن الفنان الحقيقي لديه دور حيوي في تشكيل ملامح المستقبل، إذ يمثل خالد جلال جيلًا من الفنانين الذين رفعوا المسرح إلى مصاف الفكر الملتزم، وأصبح اليوم في مجلس الشيوخ رمزًا للثقة في العقل الثقافي المصري، مما يُظهر أن الجمهورية الجديدة تُبدي اهتمامها بالمبدعين كحماة للهوية وضمير الأمة.