يلعب المحيط الجنوبي دورًا جوهريًا في تشكيل المناخ العالمي ودورة الكربون، ويعتمد فهم انتقال الكربون في هذه المنطقة على دقة نمذجة التغيرات المناخية المتزايدة وتأثيراتها المحتملة، فمن خلال المساحات الواسعة للمحيط الجنوبي تتواجد مسارات غير مرئية للكربون تتدفق عبر المياه العميقة، ويعتبر هذا “الطريق الكربوني السريع” عنصرًا حيويًا ضمن نظام المناخ العالمي، حيث يقوم بنقل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى أعماق المحيط مما يسمح بتخزينه لفترات زمنية طويلة تصل لعقود أو قرون.
من جهته، أكد موقع “Phys” أن قياس سرعة انتقال الكربون وديناميكياته يعد من التحديات الكبيرة التي واجهت العلماء على مر الزمن، خاصةً في المناطق الأكثر انغلاقًا على الكوكب، وتلقي دراسة جديدة تحت إشراف جيوم لينيجر، الباحث في معهد أبحاث المحيطات بجامعة واشنطن، ضوءًا جديدًا على إنتاجية المحيطات وتصدير الكربون في المحيط الجنوبي، وقد استخدمت الدراسة تقنيات الذكاء الاصطناعي ودمجت بيانات مستخلصة من العوامات الروبوتية لتكشف عن قدرة المحيط على تخزين الكربون بشكل أكبر مما كان متوقعًا سابقًا.
نشرت هذه الدراسات في مجلة Global Biogeochemical Cycles وتشير إلى زيادة في صافي الإنتاج السنوي للمجتمعات بنسبة تقارب 1% سنويًا بين عامي 2004 و2022، حيث تكشف المعطيات أن المحيط الجنوبي يُصدر حوالي 3.91 مليار طن متري من الكربون سنويًا، وهذا الرقم يعكس أن المحيط يلعب دورًا مهمًا في التوازن الكربوني العالمي ويشير إلى أن الأخطاء في التقدير قد تكون أكبر مما نفهم.
تشير النتائج أيضًا إلى أن الطرق التقليدية المعتمدة لحساب صافي الإنتاج السنوي قد تؤدي إلى تقديرات منخفضة لتصدير الكربون بنحو الثلث، ما يجعل هذه النتائج أساسية لفهم أكثر دقة لدور المحيط الجنوبي في دورة الكربون، وتُظهر أهمية البحث في زيادة المعرفة حول الإنتاجية الكلية ودورة الكربون في هذه المنطقة الحيوية.
تشكل هذه الدراسة خطوة هامة نحو تعزيز فهمنا لدورة الكربون في المحيط الجنوبي، حيث يمكن أن تساعد في تحسين نماذج التغير المناخي الحالية وفتح آفاق جديدة للبحث في العلاقة بين المحيطات والمناخ، مما يعزز أهمية تتبع هذه الديناميكيات لنمذجة مناخ الأرض بشكل أكثر فعالية، فالنتائج المقدمة تسلط الضوء على ضرورة تكثيف الجهود في هذا المجال الحيوي لضمان فهم أكبر للتحديات المناخية المقبلة.
تعليقات