أحدث فريق من الباحثين تقدمًا علميًا مهمًا من خلال تصميم محرك حراري ميكروسكوبي جديد يعد بتجاوز كفاءة 100%، هذه الخطوة تمثل تحديًا جذريًا للقوانين التقليدية المعروفة باسم كفاءة كارنو التي تم وضعها منذ حوالي مئتي عام، المحرك الجديد والذي سُمي “كارنو المقامر” يعتمد على استغلال الحركة العشوائية للجسيمات الحرارية بشكل مبتكر، إضافة إلى ذلك يتضمن المحرك تدخلًا مشابهًا لفكرة “شيطان ماكسويل” الشهيرة في الفيزياء، حيث يتم فرز الجسيمات بدقة لتحسين الكفاءة.
آلية عمل المحرك تتلخص في مراقبة جسيم صغير محاصر بأشعة ليزر، ومن ثم يتدخل عندما يعود الجسيم إلى مركز المصيدة، هذا الأسلوب يسمح بإكمال عملية الضغط باستخدام طاقة شبه معدومة، ما يعني أن الحرارة الممتصة تتحول بالكامل إلى عمل دون أي هدر، وهو ما يمنح المحرك كفاءة نظرية تبلغ 100%، مثل هذه النتائج قد تقلب مفاهيمنا حول الديناميكا الحرارية تمامًا.
على الرغم من ذلك القوانين التقليدية للديناميكا الحرارية تشير إلى أن كفاءة أي محرك لا يمكن أن تتجاوز معادلة كارنو والتي تنص على أن جزءًا من الحرارة سيكون فاقدًا حتمًا، في المستوى الميكروسكوبي حيث الطاقة مجزأة ويمكن التحكم بها، استطع الباحثون تجاوز هذه النقطة عبر استخدام تكنولوجيا التغذية الراجعة الذكية، لكن علماء آخرون أكدوا أن احتساب تكلفة معالجة المعلومات اللازمة لتشغيل النظام يعيد الكفاءة النهائية لتتماشى مع قانون كارنو الأصلي.
لشرح هذه الفكرة بشكل أبسط، القوانين الفيزيائية القديمة توضح أن أي آلة تحول الحرارة إلى طاقة لا يمكن أن تعمل بكفاءة كاملة، حيث من الضروري وجود فقد حراري، الجديد هنا هو استخدام العلماء تقنية على المستوى المجهري تتيح لهم مراقبة جسيم صغير واغتنام اللحظة المناسبة لاستخراج شغل منه دون هدر، ومع ذلك عند احتساب تكلفة المراقبة والتحكم يتبقى القوانين الأساسية للديناميكا كما هي.
يتيح هذا الابتكار في المستقبل إمكانية استغلال الحرارة المهدرة على مستوى النانو، مما يفتح الأبواب لاستخدام هذه التقنية في مجالات متعددة مثل الإلكترونيات الدقيقة والأجهزة الكمية وكذلك المجسات الفضائية الصغيرة، علاوة على ذلك نظرًا لأن التجارب تعتمد على تقنيات مستخدمة بالفعل في بحوث الملاقط البصرية، فإن تطبيق هذه التقنية عمليًا قد يكون قريبًا، وبالتالي من الممكن أن نرى تطبيقات هذا الابتكار في مجالات حيوية قريبة.
تعليقات