جائزة أفضل فيلم وثائقي في الجزائر: نجاح ‘قلوب صغيرة’ وتأثيره على السينما

حقق الفيلم الوثائقي “قلوب صغيرة” إنجازًا كبيرًا بفوزه بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان (CANEX @ IATF 2025) والذي أقيم في الجزائر العاصمة من الرابع حتى العاشر من سبتمبر 2025، يأتي هذا التكريم تتويجًا لجهود المخرجة المصرية مروة الشرقاوي التي استطاعت أن تقدم تجربة سينمائية فريدة من نوعها، حيث تعتمد على نهج بصري وسمعي مميز يركز على أحلام وشهادات الأطفال حول القضية الفلسطينية من زاوية غير تقليدية، بل تقدم أصواتهم البريئة التي تعكس خوفهم وأحلامهم ورغبتهم في الحرية.

استخدم الفيلم معادلة بصرية مثيرة من خلال ربط الصورة بالبحر والألعاب، حيث يظهر طفل يحلم بالطيران نحو فلسطين، تحققت هذه الفكرة عبر تقديم رموز تعكس براءة الطفولة في مواجهة الواقع المرير المحيط بها، وأحد المشاهد البارزة هو مشهد العروسة المدفونة تحت الأنقاض والذي يمثل صرخة ألم للأحلام التي تُقبر تحت وطأة الحروب، هنا استغل الفيلم جماليات الصورة الرمزية ليعكس معاناة الأطفال الفلسطينية بعيدًا عن الخطابات المباشرة.

جاءت فكرة الفيلم بعد الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، حيث رصدت المخرجة تأثر الأطفال بما يشاهدونه ويسمعونه في محيطهم، هذا التماس مع الواقع اليومي كشف عن كيفية تحول القضية الفلسطينية إلى جزء من وجدان الجيل الجديد في مصر، إذ أصبحت أصوات الاستنجاد من غزة ترافق هؤلاء الأطفال بشكل يومي مما فتح أمام المخرجة بابًا لاستكشاف تجاربهم الفردية والجماعية.

تتجلى نجاحات الفيلم في الدمج بين التجربتين المحلية والعالمية، حيث تمثل تجربة أطفال مصر تجربة جماعية لأطفال فلسطين مما يعكس أن الذاكرة الإنسانية تُبنى من خلال المشاركة الوجدانية المتجاوزة للحدود، لكن لم يأتِ إنجاز العمل بسهولة، فقد استغرق نحو ستة أشهر من الجهد المستمر لمواجهة التحديات، بما فيها كيفية التعامل مع الأطفال وجعلهم يتصرفون بصورة طبيعية أمام الكاميرا.

التحديات المتعلقة بالتمويل أيضًا كانت موجودة حيث أن الفيلم يحمل طابعًا مستقلًا بعيدًا عن الدعم المؤسساتي الكبير، لكن هذه الصعوبات تحولت إلى نقط قوة تعزز من صدق الفيلم وقربه من المشاهد، منذ إطلاق الفيلم حظي باهتمام واسع من النسق السينمائي المستقل والوثائقي، وحقق نجاحات متميزة حيث أحرز جوائز في مهرجانات مختلفة منها مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان فلسطين الدولي.

فيلم “قلوب صغيرة” قدم تنوعًا في مشاركاته بمهرجانات عربية ودولية مرموقة، حيث عُرض في مهرجانات مثل مهرجان كرامة السينمائي الدولي ومهرجان أحمد آباد السينمائي الدولي، وقد أثبت الفيلم أنه استطاع نقل القضية الفلسطينية إلى بعد إنساني وصادق، حيث استخدم الرمزية والبراءة لتجسيد تجربة الطفولة في ظل العنف.

كما يسهم في فتح أبواب النقاش حول الموضوعات الإنسانية وعلى الرغم من بساطته إلا أنه يعكس وعي جيل جديد من الأطفال في العالم العربي بقضية فلسطين ببراءتهم ووعيهم المتزايد، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثراء التجارب الإنسانية وتبادل الأحاسيس العابرة للحدود.