لوحات فنية تصور عالمًا مستقبليًا تحت سيطرة الروبوتات والكعك
منذ أن كان طالبًا في أكاديمية الفنون بسان فرانسيسكو، أحب الفنان الأمريكي إريك جوينر استخدام الروبوتات في أعماله، حيث كانت تلك الروبوتات موجودة على رفوفه لسنوات، ورغم ذلك لم يبدأ برسمها بجدية إلا بعد عشر سنوات من العمل كرسام توضيحي، وقد وجد في هذه الشخصيات موضوعًا بصريًا ممتعًا يجمع بين الأشكال الهندسية والألوان السلسة، لكن لوحاته تتجاوز مجرد التسلية لتطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة الإنسان والوجود.
يؤكد جوينر أنه في البداية كان مدفوعًا برغبة عميقة لفهم طبيعة السلوك البشرى وأهمية الصراع في الحياة، ويرى أن مفهوم الحياة الذكية هو الموضوع الأبرز في لوحاته، ومن خلال تجسيد الأشياء الجامدة، يسعى إلى منح الناس فرصة للهروب من بعض قيودهم ورؤية أمورهم من منظور جديد، وفق ما ورد في موقع mymodernmet.
في معرضه الأخير الذي يحمل عنوان “النظرة الجانبية”، ينقل جوينر المشاهدين إلى عوالم سريالية غريبة تتضمن مشاهد فريدة، حيث يمكن مشاهدة الروبوتات وهي تقوم بشراء الآيس كريم أو تلتقط صورًا ذاتية، كما تظهر في مسرحيات معروفة مثل مواجهة غودزيلا وكينغ كونغ، ومن المثير للاهتمام أن هذه المشاهد تتكرر فيها رموز مثل “الدونات”.
يشرح الفنان كيف يشكل تداخل الروبوتات مع الدونات في لوحاته انعكاسًا لرؤيته للحياة البشرية، فهو يرى أن هذين العنصرين يمثلان أسئلة وجودية، ومن بين أبرز أعماله لوحة “ماتينيه” التي تظهر فيها الروبوتات تشاهد عرض فيلم شهير بينما تتساقط الكعكات العملاقة، المشهد يبدو عاديًا في البداية، لكن العبث في التكوين يدفع المشاهد للتأمل في طبيعته.
يعتمد جوينر على مزيج من العبثية والسريالية كمادة تعبيرية تعكس قلقه من طبيعة العالم الحالي، ويشير إلى أنه ينبغي علينا البحث عن زوايا جديدة أو طرق للتفكير في الأمور بدلاً من الاستسلام للسلبية التي تروج لها وسائل الإعلام والسياسة، وهذا السعي لفهم الأمور من زوايا جديدة قد يكون مفتاحًا للنمو والتطور.
تحتوي لوحة “لحظة الحقيقة” على أحد أكثر اللحظات قربًا للإنسان، حيث تصور أم روبوت تأخذ طفلها إلى مخبز يكتظ بالكعك، ورغم أن الوجه الآلي للطفل غير مرئي، إلا أن الإحساس بالدهشة يصل بوضوح إلى عيون المتلقي، وهذه اللوحة تعتبر المفضلة لدى جوينر الذي أراد توثيق لحظة الزيارة الأولى.
على الرغم من أن الشخصيات في لوحات جوينر مصنوعة من المعدن والدوائر الكهربائية، إلا أن الهدف الأساسي لأعماله هو تصوير طبيعة الإنسان ورغباته، حيث تدور أفكاره حول المخاوف المرتبطة بمستقبل يطرزه الذكاء الاصطناعي، ويختم جوينر بأنه حتى في عالم التكنولوجيا، يبقى الشعور بالرغبة في الراحة والفرح والكيك أمرًا مشتركًا بين كافة البشر.
أقيم معرض “النظرة الجانبية” في مكان كورى هيلفورد، ويؤكد هذا المعرض مكانة جوينر كأحد أبرز الفنانين في مجال السريالية الشعبية، وقد استطاع أن يحقق توازنًا فريدًا بين المرح والعمق من خلال أعماله التي تضم الروبوتات والدونات في تناغم لافت.
تعليقات