استعمار الميكروبات لفوهة نيزك قديم: دراسة تاريخية مثيرة قبل 73 مليون عام
في تقدم علمي ملحوظ، كشف فريق بحثي من جامعة “لينيه” في السويد عن أول دليل زمني مؤكد يربط بين استعادة الحياة الميكروبية وفوهة نيزكية قديمة، وقد أظهرت الدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications أن البكتيريا بدأت استعمار فوهة Lappajärvi في غرب فنلندا بعد فترة وجيزة من اصطدام نيزك قبل حوالي 78 مليون سنة، مما يدل على إمكانية خلق مثل هذه الأحداث البيئات القابلة للحياة لفترات مطولة.
استعمل الباحثون تقنيات التأريخ الإشعاعي والتحليل النظائري لتحديد تسلسل زمني دقيق لظهور الحياة في الفوهة، وتبين أن عروقًا معدنية تكونت منذ حوالي 73.6 مليون سنة، وهذا بعد فترة تتراوح بين 4 و5 ملايين سنة من الاصطدام، حيث بردت الصخور الجوفية إلى درجة حرارة حوالي 47 درجة مئوية، واحتوت هذه العروق على بلورات من البايرايت التي أظهرت خصائص نظيرية فريدة، حيث عكست نسبًا منخفضة بشكل غير اعتيادي من نظير الكبريت الثقيل كمؤشر على النشاطات البكتيرية.
بعد عشر سنوات من الاصطدام، أظهرت معادن أخرى أدلة نظيرية على دورات ميكروبية مرتبطة بإنتاج الميثان، وهذا يشير إلى أن نظامًا بيئيًا ميكروبيًا عميقًا استمر في الازدهار داخل الفوهة رغم الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة، ما يُعزز فكرة استمرارية الحياة في بيئات قاسية من خلال العصور.
استعرض الباحثون نتائجهم كنافذة جديدة في مجال علم الأحياء الفلكي، وأفاد المؤلف الرئيسي هنريك دريك بأن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الربط بشكل مباشر بين النشاطات الميكروبات وحادث اصطدام نيزكي، مما يؤكد أن الفوهات يمكن أن تبقى مناسبة للحياة لفترات طويلة بعد نشأتها، وأفاد الباحث المشارك جوردون أوسينسكي بأن الأدلة السابقة كانت مجرد إشارات عامة إلى وجود الحياة، بينما تثبت هذه الدراسة بشكل زمني متى بدأ الاستعمار الميكروبي.
ويرجع الفريق إلى إمكانية أن الفوهات النيزكية ذات الأنظمة الحرارية على كواكب أخرى مثل المريخ أو قمر “أوروبا” قد توفر ظروفًا مشابهة لنشوء الحياة أو استمرارها، بمعنى آخر، إن تاريخ الاصطدامات العنيفة يمكن أن يكون بطريقة غير متوقعة أحد العوامل التي تُسهم في نشوء الحياة واستمراريتها على مر الزمن، وهذا يشكل نقطة انطلاق للتفكير في إمكانية الحياة في أماكن أخرى من الكون.
تعليقات