تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل: بين الفرص والتهديدات الحقيقية
مخاوف حقيقية تتزايد بين الأفراد والأسئلة تتوالى بلا إجابات محددة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاعات العمل، فهل ستحل الآلات محل البشر؟ تشير تقارير ودراسات إلى أن وظائف كثيرة مُهددة بالاختفاء وأخرى ستشهد تقليصًا في الحاجة للبشر، هذه التحولات تلامس وظائف ذات أهمية كبرى في حياتنا اليومية ولها تأثيرات ملموسة على المجتمع بشكل عام،
صحيفة ديلي ميل البريطانية نشرت تقريرًا استندت فيه إلى أبحاث شركة OpenAI، حيث أظهرت أن الذكاء الاصطناعي قد يستبدل 44 وظيفة محتملة، أجرى الباحثون اختبارًا يُسمى “GDPval” لمقارنة أداء الذكاء الاصطناعي مع متخصصين في تسعة قطاعات مالية هامة في الولايات المتحدة، ونتائج البحث تنذر بخطر على العاملين في مجالات مثل البيع بالتجزئة والمبيعات والأعمال المحاسبية،
وفي السياق المحلي، تقرير عن سوق العمل المصري أشار إلى تأثير مباشر للذكاء الاصطناعي على مهن رئيسية كالمحاسبة والصحافة والسياحة والدعم الفني، وأكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي لا يقضي على الوظائف تمامًا لكنه يعيد تشكيل مهامها، فـ72% من مهام الصحافة يمكن إنجازها بالذكاء الاصطناعي، و58% من مهام المحاسبة، أما 51% من مهام الدعم الفني فيمكن أن تُنفذ بشكل أو بآخر بواسطة الذكاء الاصطناعي,
خبير التكنولوجيا طارق منير سلامة تحدث في حديث خاص حيث علق على المخاوف الشائعة من ذلك التطور السريع، وأكد أنه ينبغي على البشر التعامل بشكل إيجابي مع الذكاء الاصطناعي بدلًا من محاربته، فالذي سيتعلم كيف يستغل هذه التكنولوجيا لصالحه سيكون لديه الأفضلية، وجودهم إلى جانب الذكاء الاصطناعي سيصب في مصلحة الجميع جميعًا على المدى الطويل،
سلامة أضاف أن للبشر ميزتين متفردتين لا يزالا يُميزانهما عن الذكاء الاصطناعي، وهما المشاعر والقدرة على الابتكار، فهذا الأخير لا يمكنه تجاوز الناس بل يعتمد ويتطور بناءً على مدخلاتهم، ومع تطور التقنيات واستمرار المنافسة بين الدول الكبرى، تختلف نسبة القوة لأكثرها تطورًا في هذا المجال، ويجب الاستثمار معها،
ورغم المخاطر التي تنطوي عليها هذه الثورة، إلا أن البلدان العربية بدأت في استثمار تلك التطورات، لنجد استثمارات ضخمة تتجه نحو هذا المجال وتحقيق نمو يصل إلى 40%، فالطاقة التحتية تتطور بشكل مستمر، وهناك استثمارات في قواعد البيانات لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي، مما يؤشر على استعداد المنطقة للمنافسة في هذا السياق,
سلامة أشار لوجود قلق لدى بعض الدول بشأن كيفية التعامل مع البيانات الحساسة، وقد بدأت العديد من الحكومات في بناء مراكز البيانات بشكل آمن لضمان حماية المعلومات وعدم تعرضها للاختراق، وهذا التحول يعتبر مهمًا لحماية البيانات الحكومية وضمان سلامتها من أي انتهاك محتمل، وعلى صعيد متصل نجد تزايد الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مما يساعد في تعزيز تلك الاستثمارات الحيوية,
تريكسي لوه ميرماند أكدت أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة حيوية للنقاش، حيث لم يعد مجرد تقنية بل أصبح جزءًا أساسيًا من حياة الأفراد والشركات، ومع تطور التقنيات والتشريعات الجديدة، تتجه الشركات نحو ميزات أكثر كفاءة، مما يحدث تغييرات ملموسة في أسواق العمل ويوفر فرصًا جديدة لا يمكن الاستغناء عنها، تطور هذه التقنيات يتطلب من رجال الأعمال والمبتكرين الشباب مجاراة التحولات في هذا العالم المتغير
في خضم كل هذه التحولات، يتعين على الإنسان أن يكون جزءًا من هذه الثورات التكنولوجية وليس ضحية لها، الذكاء الاصطناعي يصبح جزءًا من عملية العمل بكاملها لنحدد كيف نعمل ولماذا نعمل، ولضمان أن تبقى التكنولوجيا أداة تمكين للإنسان، يجب أن تكون الوظائف المستقبلية قائمة على قيم الإبداع والإنسانية، فالحفاظ على التفاعل الإنساني هو جوهر نجاح أي عملية أو نظام متطور، ومن هنا ينبغي أن تتشكل قيمة العمل والمستقبل.
تعليقات