تأثيرات اللامبالاة لدى جيل Z تجاه الأمن السيبراني في العصر الرقمي
في عصر تهيمن فيه التكنولوجيا على الحياة اليومية، يصبح الأمن السيبراني خط الدفاع الرئيسي عن الهوية والخصوصية الفردية، ومع ذلك، فإن الجيل الأكثر اتصالًا بالشبكة العنكبوتية، وهو جيل Z، يظهر بوضوح أنه الأقل اهتمامًا بحماية معلوماته الرقمية، على الرغم من ثقته الكبيرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، فإن الواقع يكشف عن ضعف وعيهم بالتهديدات المتعلقة بتسريب البيانات والهجمات الإلكترونية، مما يزيد من المخاطر التي يتعرضون لها يوميًا.
أظهرت دراسة أجراها مركز Pew Research وIBM Security أن نسبة كبيرة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا لا يتبعون إجراءات الأمان الأساسية مثل استخدام كلمات المرور القوية أو تفعيل خاصية التحقق الثنائي، فهم يعتقدون أن الحوادث السيبرانية تهم شخصيات أخرى فقط، وهذا الإدراك الخاطئ يشير إلى غياب الوعي الكافي بمخاطر الفضاء الرقمي وتأثيره على حياتهم الخاصة، ففي 2020، أشار باحثون إلى تباين كبير في مستوى الوعي بين جيلي Z والألفية.
حيث كان للألفية سلوكيات أمن سيبراني أفضل بكثير بفضل تجاربهم الحياتية التي ساعدتهم على الحفاظ على خصوصيتهم بشكل أكبر، وبرز من بين تلك السلوكيات مراجعة سياسات الخصوصية وتحديث برامج الأمان، مما يعكس الفجوة الواضحة في تعامل الأجيال مع القضايا الأمنية، وبالرغم من رؤاهم القيمة، فإن نتائج دراستهم تظل محدودة في نطاق عينة البحث، بينما تناول تقرير “Oh, Behave!” مواقف الأمن السيبراني بشكل أوسع على مستوى الفئات العمرية المختلفة.
على الرغم من أن 47% من جيل Z يعتبرون الحفاظ على الأمان على الإنترنت أمرًا سهلاً، فإنهم في الوقت نفسه يعانون من معدلات أعلى في التعرض للجرائم الإلكترونية مقارنة بالأجيال السابقة، وظهرت لديهم معدلات مرتفعة من التعرض للتصيد الاحتيالي والتنمر الإلكتروني، مما يكشف عن تناقض واضح بينهم وبين الفرضيات التقليدية التي تتعلق بترتيب الأجيال وأمنهم السيبراني، ووفقًا لتلك البيانات، يبدو أن الجيل الأصغر أكثر استعدادًا لإرسال الأموال لأشخاص غير معروفين.
يمثل جيل Z الأكثر التصاقًا بالتكنولوجيا، حيث يُظهر العديد من الدراسات أن التزامهم بقواعد الأمن السيبراني ليس على المستوى المطلوب، وفقًا لتقرير GWI، أظهرت البيانات أن 30% فقط من الجيل يقومون بتغيير كلمات المرور بشكل دوري مقارنة بـ42% من جيل البيبي بومرز، ما يُظهر ما يُعرف بتوجه الثقة الزائدة، إذ يعتقد многие أن لديهم الكفاية اللازمة لتفادي المخاطر دون الحاجة لمراعاة مبادئ الحماية المعروفة.
تشير الدراسات إلى أن نمط حياة جيل Z الرقمي يسهم في تعرضهم لمزيد من المخاطر، فمعظمهم يستخدم نفس الأجهزة لأغراض العمل والترفيه والدراسة، مما يعرضهم بشكل كبير للهجمات الإلكترونية، ووفقًا لتقرير Kaspersky، فإن هناك حوالى 19 مليون محاولة اختراق استهدفت هذه الفئة بين أبريل 2024 ومارس 2025 عبر تطبيقات ترفيهية وبرامج مزيفة، مما يُظهر أهمية تعزيز الوعي بالأمن السيبراني بينهم.
من ناحية أخرى، أظهرت دراسة CybSafe أن جيل Z يعتبر الأمن الرقمي مهمة معقدة ومرهقة، إذ ارتفعت نسبة من يرون هذا الأمر بهذا الشكل إلى 12%، مما يدفعهم إلى تجاهل خطوات حماية بسيطة مثل تفعيل المصادقة الثنائية، وينعكس ذلك على ميلهم للإرضاء الفوري بدلًا من التفكير في العواقب، حيث تتضح الفجوة بينهم وبين الأجيال الأكبر في تفضيلهم الراحة على الأمان، إذ يميل 35% فقط لتفادي استخدام الشبكات العامة غير الآمنة.
تمثل المعلومات الرقمية خطرًا غير ملموس بالنسبة لهم، لذلك يميلون للتعامل مع الأمور بقدر من الإهمال، ومن خلال تقارير Kaspersky وSecureWorld، اتضح أن جيل Z أصبح هدفًا لهجمات إلكترونية بسبب استخدامهم المستمر للتقنيات الحديثة، حيث يقوم المهاجمون بتصميم خططهم لهؤلاء الشباب لاستغلال نقاط ضعفهم، لذا يجب أن ندرك أن الوعي بالتكنولوجيا موجود ولكن الإحساس بالخطر مفقود، مما يستدعي التركيز على تعزيز التدابير الوقائية اللازمة.
تعليقات